السيول تشرد 659 أسرة

What is affected
Housing private
Type of violation Demolition/destruction
Date 30 January 2013
Region MENA [ Middle East/North Africa ]
Country Saudi Arabia
Location مدينة تبوك

Affected persons

Total 659
Men 0
Women 0
Children 0
Proposed solution

يتوجب على الحكومة السعودية أن تلتزم بتعهداتها الدولية حول توفير السكن الملائم آمن  لمواطنيها من خلال توفير بنية تحتية سليمة وخدمات تساعد على حماية منازل الموطنين من الانهيار جراء الفيضانات.

Details
Development



Demolition/destruction
Housing losses
- Number of homes
- Total value €

Duty holder(s) /responsible party(ies)

State
Brief narrative

أشرقت الشمس على «تبوك» منذ صباح أمس بعد ثلاثة أيام من أمطار غزيرة أسالت أودية المنطقة كافة، فاجتاحت مياه السيول ما يسمى بـ«الأحياء الجنوبية» منها، وهو ما أدى إلى إجلاء سكان أربعة أحياء إلى الشقق المفروشة وقصور الأفراح.

وبعد أن انقشعت غيمة تبوك، جالت «الحياة» في الأحياء المتضررة، وتحدثت إلى سكانها الذين خرجوا كالملهوفين في منتصف الليل من بيوتهم. يقول ناصر البارقي (أحد سكان حي أبودميك) إن الماء دخل منزله، فخرج مع أفراد أسرته الخمسة في الثانية من صباح يوم الاثنين، ليسكن في إحدى الشقق المفروشة.

في حين يقول هليل العطوي (من سكان حي الرويعيات) إن الماء أتى على محتويات منزله من الداخل، ليخرج مع عائلته ويقيم لدى أخيه في حي النظيم، أما جميل الحويطي الذي كان يتجول في أحياء المنطقة فقال إن «الأمانة ضيعت الأمانة»، عازياً ذلك إلى أن المشاريع «لم تنفذ على الوجه المطلوب». ويضيف: «منذ كنت في العاشرة وأنا أرى الشوارع تحفر من أجل المشاريع، والآن ها أنا في الـ38 من عمري وغرقت بيوتنا في رمشة عين».

في المقابل، لم ينكر المتضررون الجهود التي قامت بها الجهات المختصة في مواجهة خطر السيول المنقولة، الأمر الذي خفف الكثير من الخسائر المادية والبشرية، بينما أقامت الجهات الأمنية ووزارة النقل وفريق من سلاح المهندسين جسراً متحركاً في موقع «القطع» على طريق تبوك - عمّان لإدخال السيارات والأسر المتعطلة والسماح للحالات الإنسانية بالسفر لحين عمل طريق آخر بديل.

أما طريق تبوك - شرما، فلا يزال غير نافذ عند عقبة روا، فيما تواصل فرق ووحدات مديرية الدفاع المدني في منطقة تبوك والجهات الحكومية أعمالها في إعادة الأوضاع إلى حالها الطبيعية، وفتح الطرق وتصريف المياه.

وأوضح المتحدث الإعلامي لمديرية الدفاع المدني في منطقة تبوك العقيد ممدوح العنزي، أن العمل جارٍ من كل الجهات لإعادة الحياة للأحياء الجنوبية التي أخليت أول من أمس من الدفاع المدني، ونقلت 250 أسرة للمكوث في شقق مفروشة، في حين تم إيواء 409 أسر أخرى في أماكن مناسبة. وفي السياق ذاته، بدأ المتضررون جراء السيول منذ صباح أمس الثلثاء التوافد إلى مراكز الدفاع المدني في تبوك لتسجيل أسمائهم.

وأوضح العقيد العنزي أن مركز الدفاع المدني في العليا والسلمان بجوار النقل الجماعي يستقبل المتضررين من الأمطار والسيول الراغبين في السكن، وكذلك حصر أضرار منازلهم والمركبات وغيرها.

من جهته، وفر فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في إطار أعمال اللجنة المحلية للدفاع المدني في منطقة تبوك سكناً لعدد من المواطنين المتضررين من السيول في 540 وحدة سكنية بمدينة تبوك، ضمن خطة عمل على مدار الساعة. وبلغت نسبة الإشغال في الوحدات السكنية في المنطقة 100 في المئة، وطلب من كل الوحدات السكنية حجز الشقق التي تشغر لمصلحة المتضررين.

في سياق متصل، خرجت 51 مدرسة في الأحياء المتضررة من الأمطار والسيول في منطقة تبوك من الخدمة موقتاً، بعد أن لحقت بها أضرار مادية، منها 18 مدرسة للبنين و33 للبنات.

ووجّه المدير العام للتربية والتعليم في منطقة تبوك الدكتور محمد اللحيدان أمس جميع مديري ومديرات المدارس التي تمّ تحديدها كمدارس بديلة في الأحياء المحيطة بالقرب من الأحياء المتضررة في مدينة تبوك، بفتح باب القبول للطلاب والطالبات وتسهيل دراستهم، بدءاً من يوم السبت المقبل بصورة موقتة، إلى حين وصول تقارير الجهات المختصة بإعلان جاهزية الأحياء التي تقع بها المدارس المتضررة.

«مكافحة الفساد» ترسل لجنة تحقيق

علمت «الحياة» أن لجنة تحقيق من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أرسلت إلى تبوك للتحقيق في غرق بعض الأحياء جراء السيول، على أن ترفع اللجنة تقريراً مفصلاً عاجلاً للهيئة.

وبحسب مصادر لـ«الحياة» فإن اللجنة باشرت التحقيق والرصد منذ أول من أمس. ومن مهمة اللجنة معرفة مدى تأثر المشاريع لمعرفة ما إذا كان يشوب تنفيذها أي قصور.

تجربة «الاحتجاز» في «أبودميك»... فاصل «هلع» بين رائحة «الموت» ونشوة «النجاة»!

تبوك - سلطان بن بندر

وحدها العناية الإلهية من فصلت سكان حي «أبودميك» جنوب مدينة تبوك عن رائحة «الموت» غرقاً، وبعثت فيهم نشوة «النجاة»، بعد أن أفاقوا ليلة الإثنين الماضي على غير عادة بفعل صرخات أفراد الدفاع المدني الذين اكتفوا بمطالبة سكان الحي بإخلائه فوراً، والتوجه إلى مقر الإدارة الرئيس في المحافظة. 10 دقائق لا أكثر كانت بين ابتلاع السيل لهم وبين النجاة!

سكان الحي وقفوا لليوم الثاني على أطلال حيهم الغارق شبه كلياً، الذي جرت في شوارعه مياه السيول، ولم يستطع الكثير منهم الوصول إلى منزله سوى بعد الاستعانة بسيارات الدفع الرباعي، والسير في بحيرات المياه الراكدة والجارية منها، للاطمئنان على ما آلت إليه الأمور في منازلهم التي تركوها مكرهين على عجل.

فيما أشار سكان «أبودميك» إلى دخول المياه إلى حيهم، والخراب الذي شوّه معالم الحي كان بسبب تحويل مجرى المياه في الوادي الأصلي من «أمانة تبوك» عن مجراها المعتاد، الأمر الذي تسبب في غرق الحي، وجريان المياه فيه لمدة يومين، إذ قال فهد الرشيدي إن سبب غرق الحي يعود إلى إغلاق المجرى الأساسي لتصريف المياه، وتحويل مياه السيول إلى وادي «أبونشيفة» ووادي «ضبعان»، الأمر الذي أدى إلى دخول المياه من وادي «الاثيلي». وأضاف: «نحن نسكن الحي منذ نحو 20 عاماً، ولم نشاهد من قبل مثل ما حدث هذا العام».

وذكر الرشيدي أن إدارة الدفاع المدني في محافظة تبوك اكتفت فقط بتنبيه سكان الحي عبر مكبرات الأصوات، قبل حدوث الواقعة بفترة زمنية وجيزة «ولم يتسنَّ لنا حمل وثائقنا الرسمية وما يكفي من ملابس».

في السياق نفسه، قال عطاالله العطوي لـ«الحياة» إنه اضطر للوقوف أمام المقر الرئيس لإدارة الدفاع المدني في مدينة تبوك منذ إخلاء الحي في الساعة الثانية بعد منتصف الليل حتى الساعة السابعة صباحاً مع عائلته المكونة من سبعة أفراد من دون أية جدوى، الأمر الذي دفعه إلى اللجوء إلى أقربائه والسكن لديهم لحين عودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

ولا يختلف فرحان الرشيدي عن عطاالله العطوي، إلا أن الأول لم تحرمه مياه السيول التي دهمت الحي من مسكنه فحسب، بل حرمته أيضاً من خدمات مركبته التي غمرتها المياه. يقول: «أخبرنا أفراد الدفاع المدني بضرورة إخلاء الحي قبل 10 دقائق فقط من قدوم السيل إليه، الأمر الذي دفعني لاصطحاب طفلي وزوجتي برفقة أخي والخروج من الحي، والسكن لدى أحد أقربائنا في أحد الأحياء غير المتضررة».

وأضاف: «مياه الأمطار والسيول منعتني من الوصول إلى منزلي الذي لا يفصلني عنه سوى أمتار عدة، والاطلاع على مدى الأضرار التي لحقت به، والتأكد من وجود أغراضي الثمينة التي تركتها في المنزل».

قصور «المناسبات» تخلع رداء «الأفراح» وتؤوي المتضررين و«الأتراح»

خلعت قصور الأفراح في تبوك منذ صباح الإثنين الماضي رداء الفرح، لتحتضن بعضاً من سكان طالما شاركتهم أفراحهم ولياليهم السعيدة، وتقف بعد يوم ماطر إلى جوارهم في أتراحهم، وتفتح أبوابها لاستقبالهم، موفرة لفاقدي المأوى مكاناً في ردهاتها الفسيحة، لأولئك الذي تضرروا من غرق منازلهم بفعل السيول «المحوّلة» إلى غير هداها.

ليلة عصيبة عاشها سليمان العطوي وزوجته المنتقلان منذ العام الماضي من قرية «بير بن هماس» إلى تبوك، ليعمل حارساً في إحدى مدارس تبوك، إذ فوجئ العطوي في تمام الساعة الثالثة من فجر يوم الإثنين الماضي بتعالي أصوات إنذار الدفاع المدني، تطالبه وقاطني حي «أبوسبعة» المنكوب بإخلاء منازلهم والهرب من سيل قادم إليهم لا يمكن إيقافه. اتخذ العطوي من إحدى قاعات الأفراح «التبوكية» مقراً موقتاً له، بعد أن أتت المياه على محتويات منزله الشعبي المتواضع المستأجر بـ850 ريالاً شهرياً، ليقف في حيرة وذهول مما حلّ به بفعل السيل المفاجئ. يقول لـ«الحياة»: «لم أعد أعلم ماذا أفعل بعد ما أتت المياه على كل ما في منزلي، فقدت أثاثي كاملاً، ولا أملك ثمناً لشراء أثاث جديد».

ولم يقف تأثير الأمطار على محتويات منزل العطوي فحسب، فالسيول منعته اللجوء إلى إخوته في القرية، الذين منعتهم أيضاً السيول من الوصول إليه للاطمئنان عليه، لتكون اتصالات الهاتف المحمول السبيل الوحيد للتواصل في ما بينهم.

ولا يختلف واقع حال سلامة العطوي عن سليمان شيئاً، إلا أن الأول كان قدره أن يهرب بأبنائه الأربعة وزوجته إلى منزل أخيه في حي «الدخل»، قبل أن يلجأ إلى قصر الأفراح، ليتخذ منه مسكناً موقتاً، إلى أن تجف المياه من منزله في حي «أبوسبعة»، الذي أصبحت أرضه طيناً وأتت المياه على كل ما فيه على حد قوله.

رحلة «السادسة»... طيران «صامت» من محطة «غرقت» إلى أخرى «تغرق»!

هنا مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، الخامسة و30 دقيقة صباحاً، «النداء الأخير لركاب طائرة الخطوط العربية السعودية المتجهة بمشيئة الله من مطار جدة إلى مطار تبوك، فعلى السادة الركاب التوجه إلى البوابة السادسة استعداداً لصعود الطائرة». أقلعت طائرة «السادسة» صباحاً بركابها المحمّلين بذكرى جدة «الغارقة» قبل عامين إلى مدينة تحاول جاهدة ألا يصل «الغرق» إلى «تراقيها».

ما إن أغلق ملاحو الطائرة الأبواب، وانتهوا من سرد ما يجب على الركاب فعله أثناء رحلة الطيران، وبعدما انتهت سيمفونية «حفيف» أوراق الصحف، طغى صمت رهيب على مقصورة الطائرة، لم تقطعه من حين إلى آخر سوى همسات مضيفي الطائرة للركاب. ببطء السلحفاة، بدت سرعة عقارب الساعة وهي تتحرك، قبل أن ينتقل يزيد الزهراني من مقعده المحاذي لـ«الممر»، لينتقل إلى المقعد المجاور له والقريب من النافذة ليراقب شروق الشمس، وينظر إلى الغيم وهو يدنو ويبتعد، ويتأمل كيف تشق الطائرة طريقها بين السحب، لتعود به الذاكرة إلى أمر دفعه للسفر براً من الطائف إلى جدة، ليرتحل في أقرب رحلة إلى «تبوك»، للاطمئنان على زوجته وأطفاله الأربعة الذين فضلوا البقاء لدى أبناء عمومته وأنسابه، قبل أن يقض «غرق» بعض أحياء تبوك مضجعه، ويفكر في ما قد يعوق دربه إن لم يجد مقعداً على رحلة «السادسة» ويرمي ورقته الأخيرة «السفر» براً، وما قد يوجهه إن عزم على الرحيل بمركبته.

ولم تشفع ذكريات الـ 10 أعوام التي قضاها يزيد الزهراني طالباً في تبوك بين مدارسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية الخالية من الغرق في أن تطرد الوساوس من جمجمته، وتبدل «القلق» راحة واطمئناناً. «رب ضارة نافعة، فجدة كان المطر هو العامل الرئيس في كشف رداءة البنية التحتية لها»، بهذه الجملة أجاب الزهراني على تساؤل «الحياة» عن سبب غرق تبوك في الأيام الماضية من وجهة نظره. وما إن توقفت الطائرة في تبوك إلا وبدأ الزهراني شيئاً فشيئاً بالاختفاء من أمام عيون الركاب والذهاب، مسرعاً يملأه شوقه للقاء أطفاله ووالدتهم. بعيداً عنه، يجلس الوافد البنغالي عبدالرشيد ذو الـ 31 عاماً، قضى أربعة أعوام منها يعمل في أحد مستشفيات محافظة تبوك، ولم يعلم أن وقت العودة من إجازته التي أمضى شهراً منها في موطنه، سيكون فيه على موعد مع مدينة غرقت بعض أجزائها. يقول عبدالرشيد إن أمطار تبوك التي اعتاد أن يشاهدها لم تتجاوز الأضرار الطفيفة بالسيارات لوقت وجيز، قبل أن ترحل نهائياً في اليوم ذاته.

المصدر الأصلي

Costs €   0


Back